بينما يدخل العالم في القرن الثاني فإن الكثير من رجال الأعمال والمهتمين بمجال التسويق يتساءلون عما سيحدث مستقبلا من تغيير في هذا المجال
يرجع اهتمامهم بهذه الناحية لان التغيير يحدث بدرجة متصاعدة وسريعة لدرجة أنه يشبه الفارق الكبير بين أختين إحداهما في التاسعة والأخرى في الثانية عشر في تفكير كل منهما والأشياء التي تمارسها رغم ان فارق العمر بينهما ليس بالكبير
فما بالك ونحن تتكلم عن التغيير في مجال التجارة بصفة عامة والتجارة الالكترونية بصفة خاصة كيف سيكون،
ما نود أن نوصله لك ان الشركات تفشل لأنها لا تعرف مثلا أن التغيير يطال أسواقها في فترة زمنية قصيرة وما يدل على ذلك التغييرات التي تحدث في متطلبات العميل والقوى التنافسية المثيرة بطريقة جوهرية في بضع سنوات كما حدث في الصناعات مثل الحديد والصلب ووسائل الاعلام والاتصالات والرعاية الصحية وغيرها.
وعليه فإن استراتيجية التسويق التي كانت تحقق ربحا بالامس ربما تكون خاسرة اليوم ونتيجة لذلك يرى البعض بان هناك نوعان من الشركات:
تلك التي تواكب التغيير وتستمر وتلك التي لا تحاول ذلك فتنتهي وتختفي من السوق.
القوى التي تؤثر في الاقتصاد العالمي في التسويق:
يوجد مجموعة من القوى كل منها يلعب دورا هاما في تحديد خارطة الاقتصاد اليوم وأهمها التقنية والعولمة وعوامل اخرى ايضا لها تأثيرا ولو بشكل أقل.
-
التقنية والتسويق :
حيث أن المشهد التقني اليوم مليء بالمنتجات الجديدة التي لم تكن موجودة في اوائل الستينات، مثل الأقمار الصناعية و أجهزة التصوير وأجهزة الفاكس وتسجيل المحادثات الهاتفية والساعات الرقمية والبريد الالكتروني والهاتف المحمول.
كذلك أصبحت التقنية هي من يشكل البنية المادية للمجتمع، وقد طال تأثيرها الى تغيير التفكير الانساني.
ولعل من أعظم النتائج التي ترتبت على ثورة التقنية والمعلومات هي الرقمية والتي عن طريقها تحولت المعلومات الى الشرائح التي تتكون من مجموعة من الرموز او الآحاد والاصفار.
هذه الشرائح تمثل كل انواع الملفات عن طريق مجموعة من الرموز المسجلة عليها ويتم إرسالها عن طريق الكمبيوتر او من خلال الهاتف بسرعة لا تصدق
ونستطيع القول بأن الشرائح حلت اليوم محل الذرة.
لم تعد شركات الحاسب الآلي في حاجة إلى إنتاج مجموعة من الأقراص المرنة ووضعها في طرود كما كان الحال في السابق وشحنها بواسطة الناقلات الى كل انحاء العالم ليقوم بشرائها المستهلك في مكان تواجده.
اليوم يمكن الاستغناء عن كل ذلك بالاعتماد على التسويق عبر الانترنت لارسال هذه المواد والبرامج لتصل إلى كمبيوتر العميل بضغطة زر.
-
العولمة والتسويق :
القوة الثانية التي تلعب دورا هاما في تشكيل الاقتصاد العالمي هي العولمة، حيث اصبح العالم قريه صغيره فهذه حقيقه وليس خيال فاذا اراد البعض ان يشتري كتابا مثلا عليه فقط كتابة اسم هذا الكتاب بواسطة لوحة المفاتيح والدخول لأحد المواقع التي تبيع الكتب مثل امازون ومن ثم يدخل رقم بطاقة الائتمان ليصله الكتاب بعد أيام قليلة.
من العوامل الاخرى التي تؤثر في تشكيل الاقتصاد هو تحرير الاسعار والاقتصاد والمتعلقة بكثير من اقتصاديات العالم ولهذا فإن الشركات تواجه الكثير من المنافسين الجدد.
فمثلا: الشركات في الولايات المتحدة الأمريكية مثل شركة آي تي ان تي وشركات الهاتف المحمول حيث أصبح لها الحق في الدخول في أسواق خارج حدود الدولة وكذلك شركات المعدات الكهربائية تستطيع بيع وشحن معداتها إلى الأسواق العالمية
-
الخصخصة :
من العوامل المؤثرة أيضا الخصخصة والتي تعني تولي القطاع الخاص إدارة الشركات التابعة للقطاع العام اعتقادا بان اسلوب الاداره سيكون افضل واكثر كفاءة ولعل من ابرز الامثلة التي حدثت عندما تمت خصخصة كل من شركة الخطوط الجوية البريطانية وشركة الاتصالات فقد أصبح الكثير من السلع والخدمات يتم التعاقد فيها مع الشركات الخاصة مثل بناء المدارس والسجون.
التأكيد على ضرورة التغيير لمواكبة التحولات الاقتصادية على لسان بعض رؤساء الشركات ومنهم:
جاك ويلش: رئيس شركة جنرال الكتريك كان يفتتح اجتماعاته مع إدارات الشركة بالشعار الذي يقول تغيير أو قف.
ريتشارد لف: رئيس شركة هيوليت باكارد إنما يحدث من تغيير بصورة سريعة جعل القدرة على التغيير ميزة تنافسية، والقدرة على التغيير تحتاج الى القدرة على التعلم.
اتجهت بعض الشركات مثل كوكاكولا و جنرال اليكتريك الى تعيين مسؤولين من ذوي المعرفة والعلم أو رأس المال الفكري تكون مهمتهم فقط تصميم نظام لإدارة المعرفة
لجعل الشركات الخاصة بهم قادرة على التعلم بسرعة عن الاتجاهات الصحيحة والتحسينات التي تؤثر على الموزعين والعملاء والموردين ونتيجة السرعة التي حدث بها التغيير لم يعد بمقدور الشركات الاعتماد على أساليب الأعمال التجارية السابقة لتظل مزدهرة باستمرار.
هل هناك ممارسات رابحة في التسويق:
كما أن هناك من الأعمال ما يتحقق الربح نتيجة القيام به هل يوجد بالمثل في التسويق طرق وأساليب رابحة وهل توجد معادلات احاديه تضمن نجاح التسويق.
في ما يلي تسع معادلات هي الاكثر انتشارا والتي ترتكز على فكرة واحدة وهي One liner.
الربح عن طريق الجودة العالية:
لا يختلف اثنان على أن الجودة المتدنية من اسوأ الاشياء بالنسبة للأعمال التجارية ولهذا فإن العملاء الذين عانوا من الجوده السيئه لن يعودوا للتعامل مع الشركه من جديد بل سيذكرون هذه الشركه بالسوء لغيرهم ولكن كيف يتحقق النجاح بالاعتماد على جودة عالية الأمر ليس سهلا وانما توجد أربع مشكلات في ذلك وهي:
- اولا : ما هي الجودة وباي المعاني يتم تفسيرها وفهمها:
فمثلا ماذا تعني الجودة العالية بالنسبة لشركات صناعة السيارات هل يعني ان السيارات التي تنتجها يمكن الاعتماد عليها أو لأنها تزيد من سرعتها بطريقة أسرع أم هل الجودة تعني ان جسم السياره يتاكل بطريقة أقل مع مرور الزمن وهذا يعني أن العملاء يهتمون بأشياء عديده كلها تعني الجودة وبناء على ذلك فإن تعريف الجودة بتحديد المعنى الاكثر ملائمة لها لا يعني الكثير.
- ثانيا: عدم القدرة على معرفة الجودة :
غالبا لا يتمكن العملاء من الحكم على جودة المنتج لمجرد النظر الى شكله الخارجي، فمثلا لو اردت شراء جهاز تلفاز من احد المحلات المختصة في ذلك ستجد مئات الاجهزة التي تعرض الصوت والصوره بوضوح وأن هيكل الجهاز الخارجي يختلف من جهاز لآخر ولا يعني أي شيء بخصوص جودة الجهاز ومن غير المعقول ان تطلب من مسؤول المبيعات أن يفتح لك جهازا للاطلاع عليه من الداخل للتأكد من جودة اجزائه الداخلية وفي احسن الاحوال سيكون لديك فكرة عن الجودة ولكن مع عدم وجود الدليل الذي يؤكد ذلك.
- ثالثا: تحديد مستوى الجودة عند المنافسين كمعيار:
محاولة معظم الشركات أن تبلغ الدرجة التي وصل إليها غيرها من الشركات الاخرى في موضوع الجودة مما يترتب على ذلك ان الجودة لن تكون هي المعيار الوحيد الذي يتم من خلاله اختيار نوع المنتج.
- رابعا: عدم تناسب مستوى الجودة مع القدرة الشرائية:
بعض الشركات المعروفة بجودتها العالية مثل موتورولا في هذه الحالة هل يوجد من العملاء الذين يتطلعون الى تلك الجوده والاستعداد لدفع الثمن، من جهة أخرى كم بلغت التكاليف التي تحملتها الشركة للحصول على الجودة العالية، فذلك مؤكدا يكلف كثيرا للوصول الى هذا المستوى من الجودة.
الربح عن طريق تقديم أفضل خدمة:
لا شك أن الكل يرغب في خدمة جيدة ولكن الخدمة من وجهة نظر العملاء تعني أكثر من شيء على سبيل المثال في المطعم ينظر لها العملاء من زوايا مختلفة مثلا يريد البعض من الجرسون الاستجابة لهم بسرعه وتسجيل طلباتهم بلباقة، ولكن البعض الآخر ينظر إلى أن الخدمة السريعة تجعل خروجهم من المكان الذين يريدون قضاء وقت ممتع فيه أسرع وهذا ما لا يريدونه.
الخدمة يمكن أن تعني واحد من العناصر الآتية : المعرفة والسرعة والكياسة وحل المشكلات، وهذا ما يجعل لكل شخص معايير مختلفة، وهكذا فإن الخدمة تختلف باختلاف المعايير عند كل شخص باختلاف الوقت والمواقف لكل عنصر من عناصر الخدمة، والإدعاء بأن الخدمة المقدمة افضل ليس كافيا.
الربح عن طريق تقديم أسعار أقل:
بعض الشركات نجحت معها استراتيجية الأسعار المخفضة مثل:- شركة الأثاث ايكيا، و شركة وول مارت لبيع السلع بالتجزئة، وشركة ساوث ايست احدى اكبر شركات الطيران الأمريكية ربحا.
ولكن يجب الحذر على من يعتمد هذه الاستراتيجية فقد يدخل السوق غيره بها وباسعار اقل وهذا ما حصل مع شركة سيرز عندما اعتمدت هذه الاستراتيجية لفترة طويلة حتى تفوقت عليها شركة وول مارت بنفس الاستراتيجية، وهذا ما يجعل الأسعار المخفضة وحدها لا تكفي لإنشاء مشروع استثماري، ومثال على ذلك شركة يوفو للسيارات مخفضة الاسعار والجوده اختفت من السوق.
في النهايه لابد ان تكون الجوده والخدمه بالمعيار الذي يشعر العملاء بأنهم قاموا بشراء شيء له قيمة وليس السعر فقط
الربح عن طريق النصيب الأكبر من السوق:
بوجه عام فإن الشركات التي تحصل على الحصة الأكبر من السوق تحقق ارباحا اكثر من المنافسين لها حيث ان هذه الشركات تملك مزايا غير متوفره عند غيرها مثل حجم الاستثمار الهائل والعلامات التجارية المميزة التي لها وضعها في السوق
ولكن الكثير من الشركات الكبيرة التي تحظى بحصة كبيرة من السوق لا تحقق أرباحا، مثل ما حدث مع شركة إيه آند بي A&P التي كانت تكتسح النصيب الأكبر في الأسواق المركزية في امريكا ولعدة أعوام فهذه الشركات لم تحقق الربح بالمستوى المطلوب.
الربح عن طريق تصميم منتج يلبي احتياجات العميل:
مراعاة الخدمات التي يحتاجها العملاء من الشركه قد تكون هي الأساس الذي يتم الاعتماد عليه في تصميم المنتجات التي تلبي هذه الاحتياجات:- مثل خدمات البريد السريع الذي يرغب فيه الزبون استلام بريدهه في وقت آخر غير الوقت الذي قامت بتحديده الشركة، وفي قطاع الفنادق ربما يريد أحد العملاء استئجار غرفه لبضع ساعات بدلا من يوم كامل تلبية هذه الاحتياجات والرغبات عند العملاء، بالتأكيد تشكل فرصا للبيع ولكن هذا يترتب عليه زيادة في التكاليف الناتجة عن تصميم المنتجات أو تطوير الخدمات طبقا لمواصفات معينه، وبوجه عام فإن إعادة تصميم المنتج بما يوافق رغبات العميل ينجح مع بعض الشركات وشركات اخرى تجد ذلك استراتيجية غير مجدية.
الربح عن طريق التطوير المستمر للمنتج:
تطوير المنتج باستمرار قد يكون سياسة ناجحة وخاصة إذا كانت الشركة لديها القدرة على التطوير، ولكن لا يمكن اعتبار كل تطوير المنتج ناجحا ومربحا، إذ لا يمكن الاستمرار الى ما لا نهاية في التطوير لأن تطوير المنتجات يصل الى الحد الاقصى و بعد ذلك غير مؤثر بالدرجه المطلوبه.
الربح عن طريق الابتكار في المنتج:
القول المشهور الشائع “ابتكر او تبخر” يبدو انه صحيح تماما، شركات مثل سوني و 3M حققت أرباح طائلة لأنها كانت شركات مبتكرة وقدمت العديد من المنتجات الجديده الرائعه، وغيرها شركات اخرى لم تنجح في إيجاد منتجات جديدة والأرقام توضح ذلك، حيث بلغ مقدار فشل بعض الشركات العاملة في قطاع المنتجات الجديدة المتعلقة بالسلع الاستهلاكية 80% وفي قطاع السلع المصنعة 30%.
هذه الشركات ان لم تبتكر وتقدم منتجات جديده ستظل تعاني من هذه المشكلة المزمنة وتراوح مكانها فيكون مصيرها الى التبخر والخروج من السوق، فضلا على أن استمرار هذه المشكلة سيؤدي الى خسارة الشركة المزيد من الأموال.
تحقيق الربح من خلال الأسواق ذات النمو السريع:
قد تكون هذه الاستراتيجية من الربح مناسبة للشركات التي تعمل في قطاعات سريعة النمو مثل:-
الالكترونيات والاتصالات والروبوتات، فبعض الشركات التي تعمل في هذا المجال حققت أرباحا خيالية عن طريق الدخول في هذه الاسواق، ولكن ليس كل الشركات مؤهلة للعمل بهذه الاستراتيجية وقد يكون مصيرها الفشل، في شركات مثل المنتجة لبرامج الحاسب الآلي القليل منها من استطاع ان يصمد ويستمر.
ومن أكبر المشكلات في هذه الاستراتيجية أن المنتجات تعاني من القدم بسرعة شديدة وهذا يتطلب استثمار الاموال بشكل مستمر لتساير النمو السريع التي تتميز به هذه الأسواق، وفي أحسن الأحوال يمكن للشركة تحقيق الربح في اخر منتج قامت بعرضه قبل تطويره او اضافه منتج جديد كليا بدلا منه.
الربح عن طريق التنبؤ بتوقعات العميل:
من الشائع في التسويق أن الشركة التي تحقق ربح مؤكدا هي التي تستبق ما يتوقعه العميل، ان ارضاء العميل يتحقق بتلبية توقعاته، ولكن استباق ما يتوقعه العميل سيجعله أكثر سعادة ويضمن استمراره في التعامل مع الشركه، ولكن التعجيل في معرفه توقع العميل يترتب عليه المبالغة في التوقعات القادمة وكلما قامت الشركة بهذه العملية بكفاءة أكثر كلما زادت الصعوبة التكلفة.
الغالبية العظمى من العملاء يريدون مستويات اعلى في تصميم المنتج وجودته والخدمات والمزايا المضافة وفي نفس الوقت بأقل الاسعار فيتوجب دراسة هذه الرغبات والتوقعات بعناية من قبل الشركة لتحديد أيا منها تستطيع تحقيقه بطريقة تحقق لها الربح.
ما هي الاستراتيجية التسويقية الناجحة:
من الاستراتيجيات السابقة يتضح أنه لا يوجد سبيل واحد يؤدي الى الربح وجني الاموال، وبدلا من الاعتماد على طريق واحد للربح يتطلب من الشركة رسم سياستها الخاصة نشاطها التسويقي، ولا يكفي فقط أن تؤدي ذلك باتباع افضل ما يقدمه المنافسون، اذ لابد ان يكون لها طابعها الخاص والاستراتيجية القوية التي تميزها عن الآخرين.
اعتماد استراتيجية خاصة للشركة يقودها الى النجاح وتحقيق الأرباح لفترات طويلة وليس أدل على ذلك من شركة Dell الأمريكية المتخصصة في إنتاج أجهزة الحاسوب حيث قامت ببيع أجهزة الحاسوب بواسطة الهاتف بعد ان كانت متبعة لطريقة البيع بالتجزئة وتحولت الى التسويق المباشر فاستطاعت كسب العملاء بالقيمة التي تقدمها والخدمات الراقية التي تتميز بها وبعد ذلك اتبعت نظاما تسويقيا عملاقا وهو البيع من خلال الإنترنت.